فصل: (فَصْلٌ): (اسْتِيفَاءِ النَّفْعِ في الْعَارِيَّةِ):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى



.(فَصْلٌ): [الشَّرْطُ في الْعَارِيَّةِ]:

(وَمَنْ أُعِيرَ أَرْضًا لِغَرْسٍ أَوْ بِنَاءٍ، وَشَرَطَ) الْمُعِيرُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ (قَلْعَهُ)- أَيْ: الْغِرَاسِ أَوْ الْبِنَاءِ- (بِوَقْتٍ) عَيَّنَهُ لَهُ، (أَوْ) شَرَطَ الْقَلْعَ حَالَ (رُجُوعٍ)، ثُمَّ رَجَعَ الْمُعِيرُ؛ (لَزِمَ) الْمُسْتَعِيرَ قَلْعُ مَا غَرَسَهُ أَوْ بَنَاهُ (عِنْدَهُ)- أَيْ: عِنْدَ الْوَقْتِ الَّذِي ذَكَرَهُ- أَوْ عِنْدَ رُجُوعِ الْمُعِيرِ: وَظَاهِرُهُ (وَإِنْ لَمْ يُؤْمَرْ)، أَيْ: وَلَوْ لَمْ يَأْمُرْهُ الْمُعِيرُ بِالْقَلْعِ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الْمُؤْمِنُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ».
قَالَ فِي الشَّرْحِ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ؛ وَلِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ دَاخِلٌ فِي الْعَارِيَّةِ بِالْتِزَامِ الضَّرَرِ الَّذِي دَخَلَ عَلَيْهِ، وَلَا يَلْزَمُ رَبَّ الْأَرْضِ نَقْصُ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ، وَ(لَا) يَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ (تَسْوِيَتُهَا)- أَيْ: الْأَرْضِ إذَا حَصَلَ فِيهَا حُفَرٌ (بِلَا شَرْطِ) الْمُعِيرِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ ذَلِكَ؛ لِرِضَاهُ بِذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَشْتَرِطْهُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ، فَإِنْ شَرَطَهُ عَلَيْهِ؛ لَزِمَهُ؛ لِدُخُولِهِ عَلَى ذَلِكَ، (وَحَيْثُ لَا شَرْطَ) مِنْ الْمُعِيرِ (قَلَعَ) غِرَاسَهُ وَبِنَاءَهُ بِوَقْتٍ أَوْ رُجُوعٍ، (وَلَمْ يَقْلَعْ مُسْتَعِيرٌ)؛ لَمْ يَلْزَمْهُ الْقَلْعُ؛ إلَّا أَنْ يَضْمَنَ لَهُ الْمُعِيرُ النَّقْصَ؛ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ». وَالْمُسْتَعِيرُ إنَّمَا حَصَلَ غِرَاسُهُ، أَوْ بِنَاؤُهُ فِي الْأَرْضِ بِإِذْنِ رَبِّهَا، وَلَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ قَلْعَهُ؛ فَلَمْ يَلْزَمْهُ؛ لِدُخُولِ الضَّرَرِ عَلَيْهِ بِنَقْصِ قِيمَةِ ذَلِكَ، وَلِأَنَّ الْعَارِيَّةَ عَقْدُ إرْفَاقٍ وَمَعُونَةٍ، وَإِلْزَامُهُ بِالْقَلْعِ مَجَّانًا يُخْرِجُهُ إلَى حُكْمِ الْعُدْوَانِ وَالضَّرَرِ.
قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: وَمَتَى أَمْكَنَ الْقَلْعُ مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ؛ أُجْبِرَ عَلَيْهِ الْمُسْتَعِيرُ. (وَلَوْ قَلَعَ) الْمُسْتَعِيرُ غِرَاسَهُ وَبِنَاءَهُ بِاخْتِيَارِهِ (سَوَّاهَا)- أَيْ: الْأَرْضَ مِنْ الْحُفَرِ وُجُوبًا- لِأَنَّهَا حَصَلَتْ بِفِعْلِهِ لِتَخْلِيصِ مَالِهِ مِنْ مِلْكِ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ إلْجَاءٍ، أَشْبَهَ الْمُشْتَرِيَ إذَا أَخَذَ غَرْسَهُ، أَوْ بِنَاءَهُ مِنْ الْمَشْفُوعِ، وَمَتَى لَمْ يَكُنْ قَلْعُهُ بِلَا نَقْصٍ، وَأَبَاهُ مُسْتَعِيرٌ فِي الْحَالِ الَّتِي لَا يُجْبَرُ فِيهَا بِأَنْ كَانَ عَلَيْهِ ضَرَرٌ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ؛ (فَلِمُعِيرٍ أَخْذُهُ)- أَيْ: الْغِرَاسِ أَوْ الْبِنَاءِ- (قَهْرًا بِقِيمَتِهِ)؛ كَالشَّفِيعِ، مَا لَمْ يَخْتَرْ مُسْتَعِيرٌ قَلْعَهُ، وَتَفْرِيغُ الْأَرْضِ فِي الْحَالِ. وَإِنْ قَالَ مُسْتَعِيرٌ: أَنَا أَدْفَعُ قِيمَةَ الْأَرْضِ لِتَصِيرَ لِي؛ لَمْ يَلْزَمْ الْمُعِيرَ؛ لِأَنَّ الْغِرَاسَ وَالْبِنَاءَ تَابِعٌ لِلْأَرْضِ، وَلِذَلِكَ يَتْبَعُهَا الْغِرَاسُ وَالْبِنَاءُ فِي الْبَيْعِ وَلَا تَتْبَعُهُمَا فِيهِ، (أَوْ)- أَيْ: وَلِمُعِيرٍ- (قَلْعُهُ)- أَيْ: الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ- (جَبْرًا، وَيَضْمَنُ) الْمُعِيرُ (نَقْصَهُ)؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ دَفْعًا لِضَرَرِهِ وَضَرَرِ الْمُسْتَعِيرِ، وَجَمْعًا بَيْنَ الْحَقَّيْنِ، وَمُؤْنَةُ الْقَلْعِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ؛ كَالْمُسْتَأْجِرِ. (وَيَتَّجِهُ لَا)؛ أَيْ: لَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ (إبْقَاؤُهُ)- أَيْ: الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ- (بِالْأُجْرَةِ)، مَا لَمْ يَرْضَ الْمُعِيرُ، فَإِذَا رَضِيَ بِإِبْقَائِهِ بِالْأُجْرَةِ؛ جَازَ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ مِلْكُهُ، وَلَهُ التَّصَرُّفُ بِهَا كَيْفَ شَاءَ؛ (كَمَا لَوْ غَرَسَ أَوْ بَنَى مُشْتَرٍ) أَرْضًا، (ثُمَّ فَسَخَ) عَقْدَ (الْبَيْعِ بِنَحْوِ عَيْبٍ) وَجَدَهُ الْمُشْتَرِي فِي الْأَرْضِ؛ كَأَنْ وَجَدَهَا سَبِخَةً، أَوْ مَأْوَى اللُّصُوصِ، أَوْ فَسَخَ الْعَقْدَ بِتَقَايُلٍ؛ فَلِرَبِّ الْأَرْضِ تَمَلُّكُ الْغَرْسِ أَوْ الْبِنَاءِ بِقِيمَتِهِ قَهْرًا، أَوْ قَلْعُهُ وَضَمَانُ نَقْصِهِ لِلْمُشْتَرِي، (وَكَمَا فِي) إنْسَانٍ (بَائِعٍ) أَرْضًا مِنْ (مُفْلِسٍ)، فَغَرَسَ فِيهَا أَوْ بَنَى، ثُمَّ (رَجَعَ) بَائِعُ الْأَرْضِ؛ فَلِلْمُفْلِسِ وَالْغُرَمَاءِ الْقَلْعُ، فَإِنْ أَبَوْهُ، وَطَلَبَ الْبَائِعُ التَّمَلُّكَ بِالْقِيمَةِ مَلَكَهُ، وَكَذَا إذَا طَلَبَ الْقَلْعَ مَعَ ضَمَانِ النَّقْصِ. قَالَهُ فِي الْقَوَاعِدِ، وَكَمَا لَوْ اشْتَرَى (مُشْتَرٍ) أَرْضًا (بِعَقْدٍ فَاسِدٌ) وَغَرَسَ فِيهَا، أَوْ بَنَى، ثُمَّ رُدَّتْ الْأَرْضُ لِمَالِكِهَا؛ فَلِلْغَارِسِ قَلْعُ غِرَاسِهِ، فَإِنْ أَبَى الْقَلْعَ؛ فَلِرَبِّ الْأَرْضِ تَمَلُّكُهُ بِالْقِيمَةِ، أَوْ الْقَلْعُ وَضَمَانُ النَّقْصِ. وَمَا ذُكِرَ مِنْ التَّمَلُّكِ أَوْ الْقَلْعِ (مَا لَمْ يَرْضَيَا)- أَيْ: الْمُعِيرُ وَالْمُسْتَعِيرُ بِإِبْقَاءِ الْبِنَاءِ، أَوْ الْغِرَاسِ فِي الْأَرْضِ الْمُعَارَةِ بِالْأُجْرَةِ- لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا لَا يَعْدُوهُمَا، فَإِنْ أَجْرَيَا عَقْدَ الْإِجَارَةِ؛ صَحَّ مِنْ حِينَئِذٍ، وَلَا أُجْرَةَ لِمَا مَضَى، (وَكَانَ قِيَاسُ مَا ذُكِرَ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ) مِنْ أَنَّ الْأُجْرَةَ تَجِبُ فِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ؛ كَمَا تَجِبُ فِي الصَّحِيحِ. (طَرَدَهُ)- أَيْ: الْقِيَاسُ فِي وُجُوبِ الْأُجْرَةِ. (فِي الْجَمِيعِ)- أَيْ: فِي جَمِيعِ هَذِهِ الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ فِي الِاتِّجَاهِ. (وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ فِي الْإِجَارَةِ) أَوْجَبْنَا بَقَاءَ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ بِأُجْرَةِ مِثْلِ الْأَرْضِ إلَى أَنْ يَبِيدَ، وَلَمْ نُوجِبْ الْقَلْعَ جَبْرًا أَوْ نَحْوَهُ كَمَا هُوَ (لِرِضَا رَبِّ غَرْسٍ وَبِنَاءٍ ابْتِدَاءً)- أَيْ: وَقْتَ عَقَدٍ- (بِالْأُجْرَةِ، فَاسْتُصْحِبَتْ) الْإِجَارَةُ عَلَى الْأَصْلِ، وَهُوَ الْبَقَاءُ بِالْأُجْرَةِ لِدُخُولِهِ عَلَيْهَا ابْتِدَاءً وَأَمَّا فِي الْعَارِيَّةِ. وَنَحْوِهَا فَإِنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى بَذْلِ عِوَضٍ، فَاسْتُصْحِبَ ذَلِكَ أَيْضًا. وَهُوَ مُتَّجِهٌ (فَإِنْ أَبَى مُعِيرٌ ذَلِكَ)؛ أَيْ: الْأَخْذَ بِالْقِيمَةِ وَالْقَلْعَ مَعَ ضَمَانِ النَّقْصِ؛ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ امْتَنَعَ (مُسْتَعِيرٌ) مِنْ دَفْعِ (الْأُجْرَةِ)- أَيْ أُجْرَةِ غَرْسِهِ أَوْ بِنَائِهِ- (وَمِنْ الْقَلْعِ)؛ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ، (وَبِيعَتْ أَرْضٌ بِمَا فِيهَا) مِنْ غَرْسٍ أَوْ بِنَاءٍ عَلَيْهِمَا (إنْ رَضِيَا)- أَيْ: الْمُعِيرُ وَالْمُسْتَعِيرُ- (أَوْ) رَضِيَ بِهِ (أَحَدُهُمَا، وَيُجْبَرُ الْآخَرُ) بِطَلَبِ مَنْ رَضِيَ؛ لِأَنَّهُ طَرِيقٌ لِإِزَالَةِ الْمُضَارَبَةِ، وَتَحْصِيلُ مَالِيَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَإِذَا بِيعَا (دُفِعَ لِرَبِّ الْأَرْضِ) مِنْ الثَّمَنِ (قِيمَتُهَا فَارِغَةً) مِنْ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ.
(وَ) دُفِعَ (الْبَاقِي) مِنْ الثَّمَنِ (لِلْآخَرِ)، وَهُوَ رَبُّ الْغِرَاسِ أَوْ الْبِنَاءِ. (وَلِكُلٍّ) مِنْ رَبِّ أَرْضٍ أَوْ غَرْسٍ أَوْ بِنَاءٍ (بَيْعُ مَالِهِ مُنْفَرِدًا) مِنْ صَاحِبِهِ وَغَيْرِهِ، (وَيَكُونُ مُشْتَرٍ كَبَائِعٍ) فِيمَا تَقَدَّمَ؛ أَيْ: فَيَقُومُ الْمُشْتَرِي لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مَقَامَ الْبَائِعِ، فَمُشْتَرِي الْأَرْضِ بِمَنْزِلَةِ الْمُعِيرِ وَمُشْتَرِي الْغِرَاسِ أَوْ الْبِنَاءِ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَعِيرِ عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ، وَكَذَا الْإِجَارَةُ. (وَإِنْ أَبَيَا)- أَيْ: الْمُعِيرُ وَالْمُسْتَعِيرُ- (الْبَيْعَ تُرِكَ غِرَاسٌ وَبِنَاءٌ بِحَالِهِ) وَاقِفًا فِي الْأَرْضِ (حَتَّى يَصْطَلِحَا)؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا، (وَالْأُجْرَةُ) عَلَى الْمُسْتَعِيرِ مِنْ حِينِ رُجُوعِ مُعِيرٍ بِهِ نَظِيرَ بَقَاءِ غَرْسٍ وَبِنَاءٍ فِي مُعَارَةٍ (مَا دَامَ الْأَمْرُ مَوْقُوفًا)، وَلَا أُجْرَةَ لِلْمُعِيرِ أَيْضًا فِي سَفِينَةٍ فِي لُجَّةِ بَحْرٍ، وَلَا أُجْرَةَ لَهُ مِنْ حِينِ رُجُوعٍ فِي أَرْضٍ أَعَارَهَا لِدَفْنٍ قَبْلَ أَنْ يَبْلَى الْمَيِّتُ؛ لِأَنَّ بَقَاءَ هَذِهِ بِحُكْمِ الْعَارِيَّةِ، فَوَجَبَ كَوْنُهُ بِلَا أُجْرَةٍ كَالْخَشَبِ عَلَى الْحَائِطِ، وَلِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الرُّجُوعَ فِي عَيْنِ الْمَنْفَعَةِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِإِضْرَارِهِ بِالْمُسْتَعِيرِ إذَنْ، فَلَا يَمْلِكُ طَلَبَ بَدَلِهَا؛ كَالْعَيْنِ الْمَوْهُوبَةِ. (وَكَعَارِيَّةٍ مَا)- أَيْ: شِقْصٍ- (بِيعَ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ) إذَا غَرَسَ فِيهِ الْمُشْتَرِي أَوْ بَنَى؛ فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْعَارِيَّةِ، فَلَا يَمْلِكُ الْبَائِعُ قَلْعَهُ مِنْ غَيْرِ ضَمَانِ نَقْصِهِ؛ لِتَضَمُّنِهِ إذْنًا. قَالَهُ فِي الْإِنْصَافِ وَالْمُحَرَّرِ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ، وَلَهُ تَمَلُّكٌ بِالْقِيمَةِ كَغَرْسِ الْمُسْتَعِيرِ، (لَا مَا اُسْتُؤْجِرَ بِهِ)- أَيْ: بِعَقْدٍ فَاسِدٍ- (بَلْ) مَا اُسْتُؤْجِرَ بِهِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَأْجُورِ بِعَقْدٍ (صَحِيحٍ)، مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ مُدَّةَ وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ، (خِلَافًا لِلْمُنْتَهَى) فَإِنَّهُ قَالَ: وَالْمُشْتَرِي وَالْمُسْتَأْجِرُ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ كَمُسْتَعِيرٍ. وَقَالَ فِي الْمُبْدِعِ: الْقَابِضُ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ مِنْ الْمَالِكِ إذَا غَرَسَ أَوْ بَنَى فَلِلْمَالِكِ تَمَلُّكُهُ بِالْقِيمَةِ؛ كَغَرْسِ الْمُسْتَعِيرِ، وَلَا يُقْلِعُ إلَّا مَضْمُونًا؛ لِاسْتِنَادِهِ إلَى الْإِذْنِ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ انْتَهَى.
قَالَهُ الْبُهُوتِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْمُنْتَهَى بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ الْمُبْدِعِ وَحِينَئِذٍ تَعْلَمُ أَنَّ التَّشْبِيهَ بِالْمُسْتَعِيرِ إنَّمَا هُوَ فِي عَدَمِ الْقَلْعِ مَجَّانًا، لَا فِي لُزُومِ الْأُجْرَةِ، فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ، مِنْ لُزُومِ الْأُجْرَةِ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ، وَلَا فِي الْغَصْبِ مِنْ وُجُوبِ الْأُجْرَةِ فِي الْمَقْبُوضِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ، لَكِنْ فِي الْإِطْلَاقِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ. انْتَهَى.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَشْبِيهَ الْمَأْجُورِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ بِالْمَأْجُورِ بِعَقْدٍ صَحِيحٍ أَوْلَى مِنْ تَشْبِيهِهِ بِالْمَقْبُوضِ عَارِيَّةً؛ دَفْعًا لِلْإِيهَامِ. (وَلِمُعِيرٍ) مَعَ تَبْقِيَةِ الْغِرَاسِ أَوْ الْبِنَاءِ (الِانْتِفَاعُ بِأَرْضِهِ)؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ عَيْنَهَا وَمَنْفَعَتَهَا (عَلَى وَجْهٍ لَا يَضُرُّ بِمَا فِيهَا) مِنْ غَرْسِ الْمُسْتَعِيرِ وَبِنَائِهِ؛ لِاحْتِرَامِهِمَا بِإِذْنِ الْمُعِيرِ فِي وَضْعِهِمَا. (وَلِمُسْتَعِيرٍ) غَرَسَ الْأَرْضَ (الدُّخُولُ لِسَقْيٍ وَإِصْلَاحٍ وَأَخْذِ ثَمَرٍ)؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِي فِعْلِ شَيْءٍ إذْنٌ فِيمَا يَعُودُ بِصَلَاحِهِ، وَ(لَا) يَجُوزُ لِمُسْتَعِيرٍ الدُّخُولُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ (لِتَفَرُّجٍ وَنَحْوِهِ) كَمَبِيتٍ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَعُودُ بِصَلَاحِ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَأْذُونٍ فِيهِ نُطْقًا وَلَا عُرْفًا. (وَيَتَّجِهُ هَذَا)- أَيْ: الدُّخُولُ لِتَفَرُّجٍ وَنَحْوِهِ- إذَا كَانَ فِي أَرْضٍ (مَحُوطَةٍ) فَإِنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْهُ؛ إذْ غَيْرُ الْمَحُوطَةِ لَا يُمْنَعُ دَاخِلُهَا لِتَفَرُّجٍ وَنَحْوِهِ، إنْ لَمْ يَضُرَّ بِهَا، فَإِنْ أَضَرَّ مُنِعَ.
(وَ) يَتَّجِهُ (أَنَّ تَفَرُّجَ النَّاسِ وَنُزَهَهُمْ فِي بَسَاتِينِ الْغَيْرِ) الْمَحُوطَةِ إذَا كَانَتْ مُغْلَقَةً أَبْوَابُهَا أَوْ مَنْطُورَةً (بِلَا إذْنٍ حَرَامٌ)؛ لِأَنَّ التَّحْوِيطَ عَلَامَةٌ عَلَى عَدَمِ الْإِذْنِ فِي الدُّخُولِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (وَإِنْ غَرَسَ) مُسْتَعِيرٌ (أَوْ بَنَى) فِيمَا اسْتَعَارَهُ كَذَلِكَ (بَعْدَ رُجُوعِ) مُعِيرٍ؛ فَغَاصِبٌ، (أَوْ) غَرَسَ أَوْ بَنَى بَعْدَ (أَمَدِهَا) أَيْ: بَعْدَ أَمَدٍ ذُكِرَ- (فِي) عَارِيَّةٍ (مُؤَقَّتَةٍ)- وَلَوْ لَمْ يُصَرِّحْ بَعْدَهُ بِالرُّجُوعِ- فَغَاصِبٌ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِي الِانْتِفَاعِ إذَا وُقِّتَ بِزَمَنٍ تَقَيَّدَ بِهِ، (أَوْ جَاوَزَ) مُسْتَعِيرُ دَابَّةٍ (مَسَافَةً قُدِّرَتْ؛ فَغَاصِبٌ)؛ لِتَصَرُّفِهِ فِي مَالِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ قَهَرَهُ عَلَى ذَلِكَ؛ لِزَوَالِ الْإِعَارَةِ بِالرُّجُوعِ، وَبِانْتِهَاءِ وَقْتِهَا إذَا قُيِّدَتْ. (وَيُقْبَلُ قَوْلُ مَالِكٍ فِي مُدَّةٍ) بِأَنْ قَالَ الْمَالِكُ: أَعَرْتُكَهَا سَنَةً، فَقَالَ الْمُسْتَعِيرُ بَلْ سَنَتَيْنِ؛ فَقَوْلُ مَالِكٍ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِعَارَةِ فِي الْقَدْرِ الزَّائِدِ. (وَيَلْزَمُ) الْمُسْتَعِيرَ (أُجْرَةُ مِثْلٍ) لِقَدْرٍ (زَائِدٍ) عَلَى مُدَّةٍ أَوْ مَسَافَةٍ (فَقَطْ)؛ لِحُصُولِ التَّعَدِّي فِي الزَّائِدِ، دُونَ مَا قَبْلَهُ. (وَمَنْ حَمَلَ سَيْلٌ إلَى أَرْضِهِ بَذْرَ غَيْرِهِ)، فَنَبَتَ فِيهَا؛ فَالزَّرْعُ (لِرَبِّهِ)- أَيْ لِرَبِّ الْبَذْرِ- وَلَيْسَ لِلْمَالِكِ قَلْعُهُ وَلَا تَمَلُّكُهُ (مُبْقًى لِحَصَادٍ)؛ لِعَدَمِ عُدْوَانِ رَبِّهِ، وَإِنْ كَانَ يُحْصَدُ قَصِيلًا حُصِدَ. قَالَهُ الْحَارِثِيُّ: (بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ)؛ لِأَنَّ إلْزَامَ رَبِّ الْأَرْضِ تَبْقِيَةُ زَرْعٍ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ فِي أَرْضِهِ بِغَيْرِ أُجْرَةٍ إضْرَارٌ بِهِ، فَوَجَبَ أَجْرُ الْمِثْلِ؛ كَمَا لَوْ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ، وَفِي الْأَرْضِ زَرْعٌ بِغَيْرِ تَفْرِيطِهِ، وَلَا يُجْبَرُ رَبُّ الزَّرْعِ عَلَى قَلْعِهِ، وَإِنْ أَحَبَّ مَالِكُهُ قَلْعَهُ، فَلَهُ ذَلِكَ؛ وَعَلَيْهِ تَسْوِيَةُ الْحُفَرِ، وَمَا نَقَصَتْ؛ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ النَّقْصَ عَلَى مِلْكِ غَيْرِهِ لِاسْتِصْلَاحِ مِلْكِهِ. (وَحَمْلُهُ)- أَيْ: السَّيْلِ (لِغَرْسٍ أَوْ نَوًى وَنَحْوِهِ) كَجَوْزٍ وَلَوْزٍ وَفُسْتُقٍ (إلَى أَرْضِ غَيْرِهِ)- أَيْ: غَيْرِ مَالِكِ ذَلِكَ- (فَيَنْبُتُ) فِي الْأَرْضِ الَّتِي حَمَلَهُ السَّيْلُ إلَيْهَا فِي الْحُكْمِ؛ (كَعَارِيَّةٍ). لِرَبِّ الْأَرْضِ تَمَلُّكُهُ بِقِيمَتِهِ، أَوْ قَلْعُهُ مَعَ ضَمَانِ نَقْصِهِ وَلَا يَقْلَعُهُ مَجَّانًا، لِعَدَمِ عُدْوَانِ رَبِّهِ؛ وَمِثْلُهُ لَوْ غَرَسَ مُشْتَرٍ شِقْصًا مَشْفُوعًا فَأَخَذَهُ الشَّفِيعُ؛ فَلَهُ أَخْذُهُ بِقِيمَتِهِ، أَوْ قَلْعُهُ مَعَ ضَمَانِ نَقْصِهِ (إلَّا أَنَّهُ)- أَيْ: رَبُّ الْغَرْسِ- إنْ اخْتَارَ قَلْعَهُ؛ (فَلَا) يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ (يُسَوِّيَ حُفَرًا) حَصَلَتْ بِسَبَبِ غَرْسِهِ، (وَلَا) عَلَيْهِ أَنْ (يَضْمَنَ نَقْصًا) حَصَلَ فِي الْأَرْضِ بِسَبَبِ قَلْعٍ؛ لِحُصُولِ الْغَرْسِ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنْهُ وَلَا عُدْوَانٍ. (وَإِنْ حَمَلَ) السَّيْلُ (أَرْضًا بِغَرْسِهَا إلَى) أَرْضٍ (أُخْرَى فَنَبَتَ كَمَا كَانَ) قَبْلَ نَقْلِهِ؛ فَهُوَ لِمَالِكِهِ لِعَدَمِ مَا يَنْقُلُ الْمِلْكَ فِيهِ، (وَلَا يُجْبَرُ) رَبُّ أَرْضٍ مَحْمُولَةٍ بِشَجَرِهَا (عَلَى إزَالَتِهِ)- أَيْ: الشَّجَرِ- لِأَنَّهُ مِلْكُهُ (وَمَا تُرِكَ)- بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ- أَيْ: تَرَكَهُ مَالِكُهُ (لِرَبِّ الْأَرْضِ) الْمُنْتَقِلِ إلَيْهَا (مِمَّا مَرَّ) مِنْ زَرْعٍ أَوْ غَرْسٍ أَوْ نَوًى وَنَحْوِهِ؛ (فَلَا شَيْءَ)- أَيْ: أُجْرَةَ عَلَيْهِ- أَيْ التَّارِكِ لِذَلِكَ، وَلَا يَلْزَمُهُ نَقْلُهُ؛ (لِحُصُولِهِ بِلَا تَفْرِيطٍ) وَلَا عُدْوَانِهِ (وَإِنْ شَاءَ مَحْمُولٌ إلَيْهِ) الْغَرْسُ؛ (أَخَذَهُ لِنَفْسِهِ) بِقِيمَتِهِ، (أَوْ قَلَعَهُ)، وَضَمِنَ نَقْصَهُ؛ لِأَنَّ الْخِيَرَةَ لَهُ فِي ذَلِكَ.

.(فَصْلٌ): [اسْتِيفَاءِ النَّفْعِ في الْعَارِيَّةِ]:

(وَمُسْتَعِيرٌ فِي اسْتِيفَاءِ نَفْعٍ) مِنْ عَيْنِ مُعَارَةٍ (بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ) كَمُسْتَأْجِرٍ، [فَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِنَفْسِهِ وَبِمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ]؛ لِمِلْكِهِ التَّصَرُّفَ فِيهَا بِإِذْنِ مَالِكِهَا، فَإِنْ أَعَارَهُ أَرْضًا لِلْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ أَوْ لِأَحَدِهِمَا؛ فَلَهُ ذَلِكَ، وَلَهُ أَنْ يَزْرَعَ مَا شَاءَ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ أَخَفُّ، وَإِنْ اسْتَعَارَهَا لِلزَّرْعِ [لَمْ يَغْرِسْ وَلَمْ يَبْنِ؛ لِأَنَّهُمَا أَكْثَرُ ضَرَرًا، وَإِنْ اسْتَعَارَهَا لِلْغَرْسِ] أَوْ الْبِنَاءِ؛ فَلَيْسَ لَهُ الْآخَرُ؛ لِأَنَّ ضَرَرَهُمَا يَخْتَلِفُ، وَكَمُسْتَأْجِرٍ أَيْضًا فِي أَنَّهُ (يَمْلِكُ) اسْتِيفَاءَ نَفْعٍ بِعَيْنِهِ، وَ(مِثْلُهُ)- أَيْ: النَّفْعِ- (ضَرَرًا فَمَا دُونَ) النَّفْعِ فِي الضَّرَرِ مِنْ نَوْعِهِ، فَإِذَا أَعَارَهُ لِزَرْعِ الْبُرِّ فَلَهُ زَرْعُهُ وَزَرْعُ الشَّعِيرِ؛ لِأَنَّهُ دُونَهُ، [لَا] مَا فَوْقَهُ ضَرَرًا كَدُخْنٍ وَذُرَةٍ، وَإِذَا أَعَارَهُ لِلرُّكُوبِ لَمْ يَحْمِلْ، وَعَكْسُهُ، وَكَذَا إنْ أَذِنَ لَهُ فِي زَرْعِ مَرَّةٍ؛ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَزْرَعَ أَكْثَرَ مِنْهَا، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي غَرْسِ شَجَرَةٍ فَانْقَلَعَتْ لَمْ يَمْلِكْ غَرْسَ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ اخْتَصَّ بِشَيْءٍ لَمْ يُجَاوِزْهُ، فَإِنْ زَرَعَ أَوْ غَرَسَ أَوْ بَنَى مَا لَيْسَ لَهُ زَرْعُهُ أَوْ غَرْسُهُ أَوْ بِنَاؤُهُ فَكَغَاصِبٍ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ. (وَلَا يُشْتَرَطُ لَهَا)- أَيْ: الْإِعَارَةِ- (تَعْيِينُ نَوْعِ الِانْتِفَاعِ)؛ لِأَنَّهَا عَقْدٌ جَائِزٌ؛ فَلَا أَثَرَ لِلْجَهَالَةِ فِيهِ لِلتَّمَكُّنِ مِنْ قَطْعِهَا بِالْفَسْخِ، بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ. (فَلَوْ أُعِيرَ) عَيْنًا (مُطْلَقًا)؛ بِأَنْ لَمْ يُبَيِّنْ لَهُ صِفَةَ الِانْتِفَاعِ بِهَا؛ (مَلَكَ) الْمُسْتَعِيرُ (الِانْتِفَاعَ بِهَا) بِالْمَعْرُوفِ (فِي كُلِّ مَا صَلَحَتْ لَهُ عُرْفًا؛ كَأَرْضٍ) مَثَلًا (تَصْلُحُ لِغَرْسٍ وَزَرْعٍ وَبِنَاءٍ وَغَيْرِهِ)؛ فَلَهُ الِانْتِفَاعُ بِهَا فِي أَيِّ ذَلِكَ أَرَادَ.
(وَ) مَا كَانَ غَيْرَ صَالِحٍ لَهُ وَإِنَّمَا يَصْلُحُ لِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ (كَثَوْبٍ لِلُبْسٍ وَبِسَاطٍ لِفَرْشٍ)؛ فَالْإِطْلَاقُ فِيهِ كَالتَّقْيِيدِ؛ لِتَعْيِينِ نَوْعِ الِانْتِفَاعِ بِالْعُرْفِ، فَيُحْمَلُ الْإِطْلَاقُ عَلَيْهِ، وَلِلْمُسْتَعِيرِ اسْتِنْسَاخُ الْكِتَابِ الْمُعَارِ، وَلَهُ دَفْعُ الْخَاتَمِ الْمُعَارِ إلَى مَنْ يَنْقُشُ لَهُ عَلَى مِثَالِهِ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ وَاقِعَةٌ لَهُ؛ فَهُوَ كَالْوَكِيلِ. (وَاسْتِعَارَةُ دَابَّةٍ لِرُكُوبٍ لَا يُسْتَفَادُ سَفَرٌ بِهَا)؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَأْذُونًا فِيهِ نُطْقًا وَلَا عُرْفًا. (وَيَتَّجِهُ) أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لِلرُّكُوبِ لَيْسَ لَهُ السَّفَرُ (إلَّا) إذَا كَانَ الْمُعِيرُ وَالْمُسْتَعِيرُ (فِي قُرًى صَغِيرَةٍ) عُرْفًا، لِعَدَمِ اعْتِيَادِهِمْ أَخْذَ الْأُجْرَةِ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ، بِخِلَافِ أَهَالِي الْمُدُنِ وَالْقُرَى الْكَبِيرَةِ؛ فَإِنَّهُمْ لِكَثْرَتِهِمْ لَا يَسَعُهُمْ الْإِمْسَاكُ عَنْ أَخْذِ الْأُجْرَةِ؛ إذْ لَوْ فَعَلُوا ذَلِكَ لَكَانَ دَوَابُّهُمْ مَحَلًّا لِكُلِّ مُحْتَاجٍ، فَيَكْثُرُ الضَّرَرُ، وَحِينَئِذٍ (فَيُسَافِرُ) مِنْ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ (بِهَا)- أَيْ: بِالدَّابَّةِ الَّتِي اسْتَعَارَهَا لِلرُّكُوبِ- (لِقُرًى حَوَالَيْهَا لَا)، [أَيْ: لَيْسَ لَهُ السَّفَرُ بِهَا] لِمَحَلٍّ (بَعِيدٍ عُرْفًا)؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِي ذَلِكَ شَرْعًا وَلَا عُرْفًا. وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (وَلَا يُعِيرُ مُسْتَعِيرٌ وَلَا يُؤَجِّرُ) الْمُعَارَ، وَلَا يَرْهَنَهُ (إلَّا بِإِذْنٍ)؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْمَنْفَعَةَ، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُبِيحَهَا، وَلَا أَنْ يَبِيعَهَا، بِخِلَافِ مُسْتَأْجِرٍ، وَتَقَدَّمَ.
قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَلَا يُودِعُهُ، وَقَالَ فِي الشَّرْحِ: وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْهَنَهُ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ، وَلَهُ ذَلِكَ بِإِذْنِهِ انْتَهَى.
وَلَا يَضْمَنُ مُسْتَأْجِرٌ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ مَعَ الْإِذْنِ مِنْ الْمُعِيرِ إذَا تَلِفَتْ الْعَيْنُ عِنْدَهُ بِلَا تَفْرِيطٍ؛ كَالْمُسْتَأْجِرِ مِنْ رَبِّهَا، وَتَقَدَّمَ فِي الْإِجَارَةِ. وَإِذَا آجَرَ الْمُسْتَعِيرُ بِإِذْنِ الْمُعِيرُ الْعَارِيَّة؛ فَالْأُجْرَةُ لِرَبِّهَا؛ لِأَنَّهَا بَدَلٌ عَمَّا يَمْلِكُهُ مِنْ الْمَنَافِعِ، وَإِنَّمَا يَمْلِكُ الِانْتِفَاعَ، (فَإِنْ خَالَفَ) الْمُسْتَعِيرُ بِأَنْ أَعَارَهُ بِلَا إذْنِ الْمُعِيرِ، (فَتَلِفَتْ) الْعَارِيَّةُ (عِنْدَ) الْمُسْتَعِيرِ [الثَّانِي]؛ (ضَمِنَ) رَبُّ الْعَيْنِ الْقِيمَةَ وَالْمَنْفَعَةَ (أَيَّهُمَا شَاءَ)، أَمَّا الْأَوَّلُ: فَلِأَنَّهُ سَلَّطَ عَلَيْهِ غَيْرَهُ عَلَى أَخْذِ مَالِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ؛ أَشْبَهَ مَا لَوْ سَلَّطَ عَلَى مَالِ غَيْرِهِ دَابَّةً فَأَكَلَتْهُ، وَأَمَّا الثَّانِي: فَلِأَنَّ الْعَيْنَ وَالْمَنْفَعَةَ فَاتَا عَلَى مَالِكِهِمَا فِي يَدِهِ، (وَالْقَرَارُ) فِي ضَمَانِهِمَا (عَلَى الثَّانِي)؛ لِأَنَّهُ الْمُسْتَوْفِي لِلْمَنْفَعَةِ بِدُونِ إذْنِ الْمَالِكِ، وَتَلَفُ الْعَيْنِ إنَّمَا حَصَلَ تَحْتَ يَدِهِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ (إنْ عَلِمَ) الثَّانِي بِالْحَالِ؛ أَيْ: بِأَنَّ لِلْعَيْنِ مَالِكًا لَمْ يَأْذَنْ فِي إعَارَتِهَا، وَكَذَا لَوْ أَجَّرَهَا بِلَا إذْنِهِ، (وَإِلَّا) يَكُنْ الثَّانِي عَالِمًا بِالْحَالِ، بَلْ ظَنَّهَا مِلْكَ الْمُعِيرِ لَهُ؛ (ضَمِنَ الْعَيْنَ) فَقَطْ (فِي عَارِيَّةٍ)- أَيْ: فِيمَا تُضْمَنُ فِيهِ- لِدُخُولِهِ عَلَى ضَمَانِهَا، بِخِلَافِ مَا لَا تُضْمَنُ فِيهِ؛ كَأَنْ تَلِفَتْ فِيمَا أُعِيرَتْ لَهُ، أَوْ أَرْكَبَهَا مُنْقَطِعًا، وَلَمْ تَزُلْ يَدُهُ عَنْهَا؛ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَضْمُونَةٍ عَلَيْهِ لَوْ كَانَ الْمُعِيرُ مَالِكًا، فَكَذَلِكَ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِأَنَّ الْمُعِيرَ مُسْتَعِيرٌ. (وَيَسْتَقِرُّ ضَمَانُ الْمَنْفَعَةِ عَلَى) الْمُسْتَعِيرِ (الْأَوَّلِ)؛ لِأَنَّهُ غَرَّ الثَّانِيَ بِدَفْعِهَا لَهُ، عَلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ مَنَافِعَهَا بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَعَكْسُ ذَلِكَ لَوْ أَجَّرَهَا لِجَاهِلٍ بِالْحَالِ؛ فَيَسْتَقِرُّ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ ضَمَانُ الْمَنْفَعَةِ، وَعَلَى الْمُسْتَعِيرِ ضَمَانُ الْعَيْنِ. (وَالْعَوَارِيُّ الْمَقْبُوضَةُ مَضْمُونَةٌ مُطْلَقًا) فَرَّطَ أَوْ لَا، رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ لِمَا رَوَى الْحَسَنُ. عَنْ سَمُرَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، وَلِحَدِيثِ صَفْوَانَ الْمُتَقَدِّمِ. وَأَشَارَ أَحْمَدُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْعَارِيَّةُ الْوَدِيعَةِ، بِأَنَّ الْعَارِيَّةَ أَخَذَتْهَا الْيَدُ الْوَدِيعَةُ دُفِعَتْ إلَيْكَ، وَلِأَنَّهُ أَخْذُ مِلْكِ غَيْرِهِ لِنَفْعِ نَفْسِهِ مُنْفَرِدًا بِنَفْعِهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ وَلَا إذْنٍ فِي إتْلَافٍ، فَكَانَ مَضْمُونًا كَالْغَصْبِ، وَقَاسَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ عَلَى الْمَقْبُوضِ عَلَى وَجْهِ السَّوْمِ، فَيَضْمَنُهَا الْمُسْتَعِيرُ (بِقِيمَةِ مُتَقَوِّمٍ يَوْمَ تَلِفَ)؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَتَحَقَّقُ فَوَاتُ الْعَارِيَّةِ، فَوَجَبَ اعْتِبَارُ الضَّمَانِ بِهِ؛ إنْ كَانَتْ مُتَقَوِّمَةً، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِيَوْمِ التَّلَفِ وَقْتُهُ لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا، (وَمِثْلُ مِثْلَيْهِ)؛ كَصَنْجَةٍ مِنْ نُحَاسٍ لَا صِنَاعَةَ بِهَا اسْتَعَارَهَا لِيَزِنَ بِهَا، فَتَلِفَتْ؛ فَعَلَيْهِ مِثْلُ وَزْنِهَا مِنْ نَوْعِهَا؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَيْهَا فِي الْقِيمَةِ. (وَلَوْ شُرِطَ عَدَمُ ضَمَانِهَا) فَيَلْغُو الشَّرْطُ، وَلَا يَسْقُطُ ضَمَانُهَا؛ لِأَنَّ كُلَّ عَقْدٍ اقْتَضَى الضَّمَانَ لَمْ يُغَيِّرْهُ الشَّرْطُ؛ كَالْمَقْبُوضِ بِبَيْعٍ، فَالشَّرْطُ فَاسِدٌ، وَكُلُّ مَا كَانَ أَمَانَةً لَا يَزُولُ عَنْ حُكْمِهِ بِشَرْطِ ضَمَانِهِ كَالْوَدِيعَةِ وَالرَّهْنِ، أَوْ كَانَ مَضْمُونًا لَا يَزُولُ عَنْ حُكْمِهِ بِالشَّرْطِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ خِلَافِ مُقْتَضَى الْعَقْدِ فَاسِدٌ، (لَكِنْ لَا يَضْمَنُ مَوْقُوفٌ) عَلَى جِهَةِ بِرٍّ. (وَيَتَّجِهُ) أَنَّ الْمَوْقُوفَ لَا يَضْمَنُ إذَا كَانَ (عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ) كَالْفُقَرَاءِ، أَمَّا إذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى شَخْصٍ مُعَيَّنٍ، وَتَلِفَ؛ ضَمِنَهُ مُسْتَعِيرٌ كَالطَّلْقِ. وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (كَكُتُبِ عِلْمٍ وَسِلَاحٍ) مَوْقُوفٌ عَلَى (غُزَاةٍ) إذَا اسْتَعَارَهَا لِيَنْظُرَ فِيهَا أَوْ لِيَلْبِسَهَا عِنْدَ قِتَالِ الْكُفَّارِ، فَتَلِفَتْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ؛ لَمْ يَضْمَنْهَا الْمُسْتَعِيرُ.
قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى: وَلَعَلَّ وَجْهَ عَدَمِ ضَمَانِهَا، لِكَوْنِ قَبْضِهَا عَلَى وَجْهٍ يَخْتَصُّ الْمُسْتَعِيرُ بِنَفْعِهِ؛ لِكَوْنِ تَعَلُّمِ الْعِلْمِ وَتَعْلِيمِهِ وَالْغَزْوِ مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ، أَوْ لِكَوْنِ الْمِلْكِ فِيهِ لَيْسَ لِمُعَيَّنٍ، أَوْ لِكَوْنِهِ مِنْ جُمْلَةِ الْمُسْتَحَقِّينَ لَهُ، أَشْبَهَ مَا لَوْ سَقَطَتْ قَنْطَرَةٌ مَوْقُوفَةٌ بِسَبَبِ مَشْيِهِ عَلَيْهَا. انْتَهَى.
قَالَ فِي شَرَحَ الْإِقْنَاعِ وَفِي التَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ نَظَرٌ؛ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمِلْكِ وَالْوَقْفِ، وَمُقْتَضَى التَّعْلِيلَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ أَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ وَقْفًا عَلَى مُعَيَّنٍ، وَتَلِفَ؛ ضَمِنَهُ مُسْتَعِيرُهُ كَالطَّلْقِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَمْ أَرَهُ انْتَهَى.
قُلْتُ: مَا بَحَثَهُ شَارِحُ الْإِقْنَاعِ يُؤَيِّدُ هَذَا الِاتِّجَاهَ، وَإِنْ اسْتَعَارَ الْكُتُبَ الْمَوْقُوفَةَ وَنَحْوَهَا بِرَهْنٍ وَتَلِفَتْ؛ رَدَّ الرَّهْنَ إلَى رَبِّهِ، وَعَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الرَّهْنِ لَا يَصِحُّ أَخْذُ الرَّهْنِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ، فَيَرُدُّ الرَّهْنَ لِرَبِّهِ مُطْلَقًا، وَإِنْ فَرَّطَ لِفَسَادِهِ، وَيَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ مَا تَلِفَ مِنْهَا بِتَفْرِيطِهِ أَوْ تَعَدِّيهِ؛ (كَحَيَوَانٍ مُوصَى بِنَفْعِهِ) تَلِفَ بَعْدَ قَبْضِهِ (عِنْدَ مُوصٍ لَهُ)؛ فَلَا يَضْمَنُهُ إنْ لَمْ يُفَرِّطْ؛ لِأَنَّ نَفْعَهُ مُسْتَحَقٌّ لِقَابِضِهِ، وَحَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَيْسَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ غَيْرِ الْمُغِلِّ ضَمَانٌ» أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ يَرْوِيهِ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَعَمْرٌو وَعُبَيْدٌ ضَعِيفَانِ قَالَهُ الدَّارَقُطْنِيّ، وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ؛ فَالْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى ضَمَانِ الْأَجْزَاءِ التَّالِفَةِ بِالِاسْتِعْمَالِ، وَإِنْ كَانَ تَخْصِيصًا فَلِمَا عَارَضَهُ مِنْ الْأَخْبَارِ الْمُخَصِّصَةِ لَهُ، وَالثَّانِي أَنَّ الْمُغِلَّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لَيْسَ بِمَأْخُوذٍ مِنْ الْجِنَايَةِ وَالْغُلُولِ، وَإِنَّمَا هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ اسْتِغْلَالِ الْغَلَّةِ، يُقَالُ هَذَا غَلٌّ فَهُوَ مُغِلٌّ إذَا أَخَذَ الْغَلَّةَ، فَيَكُونُ مَعْنَى الْخَبَرِ، لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ غَيْرِ الْمُتَنَقِّلِ أَيْ: غَيْرَ الْقَابِضِ؛ لِأَنَّهُ بِالْقَبْضِ يَصِيرُ مُسْتَغِلًّا، وَمُرَادُهُمْ مَا لَمْ يَكُنْ الْمُعِيرُ مُسْتَأْجِرًا لِلْعَيْنِ الْمُعَارَةِ، فَإِنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَا يَضْمَنُهَا بِتَلَفِهَا عِنْدَهُ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطَ. (وَيَتَّجِهُ بِاحْتِمَالٍ) قَوِيٍّ (وَكَذَا)- أَيْ كَكُتُبِ الْعِلْمِ وَالسِّلَاحِ وَالْحَيَوَانِ الْمُوصَى بِنَفْعِهِ فِي الْحُكْمِ- حُكْمُ (عَوَارٍ غَيْرِ مَنْقُولَةٍ؛ كَعَقَارٍ) مِنْ دَارٍ وَنَحْوِهَا (خُسِفَ)؛ أَيْ: ذَهَبَ فِي الْأَرْضِ، وَخَسَفَ اللَّهُ بِهِ الْأَرْضَ خَسْفًا؛ أَيْ: غَابَ بِهِ فِيهَا، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ} وَخَسَفَ هُوَ فِي الْأَرْض، وَخَسَفَ بِهِ قَالَهُ فِي الصِّحَاحِ، (أَوْ هُدِمَ بِنَحْوِ صَاعِقَةٍ) كَمَطَرٍ وَبَرَدٍ وَثَلْجٍ (أَوْ زَلْزَلَةٍ أَوْ بِمُرُورِ الزَّمَانِ)؛ فَلَا يَضْمَنُ مَنْ تَلِفَتْ فِي يَدِهِ؛ لِعَدَمِ تَفْرِيطِهِ. وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (وَلَوْ أَرْكَبَ) إنْسَانٌ (دَابَّتَهُ) شَخْصًا (مُنْقَطِعًا لِلَّهِ) تَعَالَى؛ (فَتَلِفَتْ) الدَّابَّةُ (تَحْتَهُ)- أَيْ: الْمُنْقَطِعِ- (وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِحِفْظِهَا؛ لَمْ يَضْمَنْ) عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. جَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَغَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ هُوَ الطَّالِبُ لِرُكُوبِهِ تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى؛ (كَرَدِيفِ رَبِّهَا)؛ أَيْ: الدَّابَّةِ؛ بِأَنْ أَرْكَبَ مَعَهُ آخَرَ عَلَى الدَّابَّةِ، فَتَلِفَتْ تَحْتِهِمَا؛ لَمْ يَضْمَنْ الرَّدِيفُ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الدَّابَّةَ بِيَدِ مَالِكِهَا، (وَكَرَائِضٍ) وَهُوَ الَّذِي يَرْكَبُ الدَّابَّةَ لِيُعَلِّمَهَا السَّيْرَ إذَا تَلِفَتْ تَحْتَهُ؛ لَمْ يَضْمَنْهَا؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ، (وَكَوَكِيلٍ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُسْتَعِيرٍ، (وَكَتَغْطِيَةِ ضَيْفِهِ بِلِحَافٍ فَاحْتَرَقَ عَلَيْهِ)؛ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِعَدَمِ عُدْوَانِهِ. (وَيَتَّجِهُ) أَنَّهُ (لَا خُصُوصِيَّةَ لِلْمُنْقَطِعِ) كَمَا لَوْ أَرْكَبَهَا لِشَخْصٍ تَوَدُّدًا؛ وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِحِفْظِهَا، فَتَلِفَتْ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ؛ فَلَا ضَمَانَ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ؛ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُنْقَطِعِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلطَّلَبِ، وَإِنَّمَا أَرْكَبَهُ الْمَالِكُ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (وَمَنْ قَالَ) لِرَبِّ الدَّابَّةِ: (لَا أَرْكَبُ إلَّا بِأُجْرَةٍ، فَقَالَ) لَهُ رَبُّهَا (مَا آخُذُ أُجْرَةً)- وَلَا عَقْدَ بَيْنَهُمَا- وَأَخَذَهَا؛ فَهِيَ عَارِيَّةٌ تَثْبُتُ لَهَا أَحْكَامُ الْعَارِيَّةِ؛ لِأَنَّ رَبَّهَا لَمْ يَبْذُلْهَا إلَّا كَذَلِكَ، (أَوْ اسْتَعْمَلَ مُودَعٌ الْوَدِيعَةَ بِإِذْنِ رَبِّهَا فَهِيَ عَارِيَّةٌ)، فَيَضْمَنُ مَا تَلِفَ مِنْ ذَلِكَ. (وَلَا يَضْمَنُ) مُسْتَعِيرٌ (وَلَدَ عَارِيَّةٍ سُلِّمَ مَعَهَا) بِتَلَفِهِ عِنْدَهُ (بِلَا تَفْرِيطٍ)؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْإِعَارَةِ، وَلَا فَائِدَةَ لِلْمُسْتَعِيرِ فِيهِ؛ أَشْبَهَ الْوَدِيعَةَ، فَإِنْ قِيلَ: قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْحَمْلَ وَقْتَ عَقْدٍ مَبِيعٍ؛ فَعَلَيْهِ هُنَا يَكُونُ مُعَارًا، قُلْتُ: يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْعَقْدَ فِي الْبَيْعِ عَلَى الْعَيْنِ؛ بِخِلَافِ الْعَارِيَّةِ فَإِنَّهُ عَلَى الْمَنَافِعِ؛ وَلَا مَنْفَعَةَ لِلْحَمْلِ يُرَدُّ عَلَيْهَا الْعَقْدُ. (وَلَا) يَضْمَنُ مُسْتَعِيرٌ (زِيَادَةً مُتَّصِلَةٍ حَصَلَتْ)- أَيْ: حَدَثَتْ فِي مُعَارَةٍ (عِنْدَهُ)، ثُمَّ تَلِفَتْ؛ لِعَدَمِ وُرُودِ عَقْدِ الْعَارِيَّةِ عَلَيْهَا، (وَيَضْمَنُ) مُسْتَعِيرٌ (زِيَادَةً) كَانَتْ مَوْجُودَةً (عِنْدَ عَقْدٍ؛ كَسِمَنٍ زَالَ عِنْدَ مُسْتَعِيرٍ)؛ لِتَلَفِهِ تَحْتَ يَدِهِ.
قَالَ فِي شَرْحِ الْإِقْنَاعِ: قُلْتُ: إنْ لَمْ تَذْهَبْ فِي الِاسْتِعْمَالِ بِالْمَعْرُوفِ أَوْ بِمُرُورِ الزَّمَانِ.
وَ(لَا) يَضْمَنُ مُسْتَعِيرٌ (إنْ بَلِيَتْ هِيَ)- أَيْ: الْعَارِيَّة- (أَوْ) بَلِيَ (جُزْؤُهَا بِاسْتِعْمَالِهَا بِمَعْرُوفٍ) كَخَمْلِ مِنْشَفَةٍ وَطِنْفَسَةٍ بِكِسْرَتَيْنِ فِي اللُّغَةِ الْعَالِيَةِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ: ابْنُ السِّكِّيتِ، وَفِي لُغَةٍ بِفَتْحَتَيْنِ وَهِيَ بِسَاطٌ لَهُ خَمْلٌ رَقِيقٌ (فِيمَا اُسْتُعِيرَتْ لَهُ)؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِي الِاسْتِعْمَالِ تَضَمَّنَ الْإِذْنَ فِي الْإِتْلَافِ الْحَاصِلِ بِهِ، وَمَا أُذِنَ فِي إتْلَافِهِ لَا يُضْمَنُ؛ كَالْمَنَافِعِ.
قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: فَعَلَى هَذَا لَوْ مَاتَتْ فِي الِانْتِفَاعِ بِالْمَعْرُوفِ؛ فَلَا ضَمَانَ.
قَالَ فِي حَاشِيَةِ الْإِقْنَاعِ: فِي التَّفْرِيعِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهَا مَاتَتْ فِي الِاسْتِعْمَالِ لَا بِهِ، وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ فِيمَنْ أَرْكَبَ دَابَّتَهُ مُنْقَطِعًا لِلَّهِ تَعَالَى لَا يَضْمَنُ إذْ أُتْلِفَتْ تَحْتَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ يَضْمَنُهَا؛ لِأَنَّهُ قَبَضَهَا، (فَإِنْ حَمَلَ) الْمُسْتَعِيرُ (فِي الْقَمِيصِ تُرَابًا)، فَتَلِفَ؛ ضَمِنَهُ، (أَوْ) حَمَلَ فِيهِ (قُطْنًا)، فَتَلِفَ؛ ضَمِنَهُ، (أَوْ اسْتَظَلَّ بِالْبِسَاطِ مِنْ الشَّمْسِ)، فَتَلِفَ؛ (ضَمِنَ؛ لِتَعَدِّيهِ) بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَ مَا اسْتَعَارَهُ فِي غَيْرِ مَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ مِثْلُهُ. (وَيُقْبَلُ قَوْلُ مُسْتَعِيرٍ بِيَمِينِهِ فِي عَدَمِ تَعَدِّيهِ) الِاسْتِعْمَالَ الْمَعْهُودَ بِالْمَعْرُوفِ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ، وَالْأَصْلُ بَرَاءَتُهُ. (وَيَجِبُ) عَلَى الْمُسْتَعِيرِ (رَدُّ) الْعَارِيَّة (بِطَلَبِ مَالِكٍ) لَهُ بِالرَّدِّ، وَلَوْ لَمْ يَنْقَضِ غَرَضُهُ مِنْهَا، أَوْ يَمْضِي الْوَقْتُ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ هُوَ الْمُسَلِّطُ لِحَبْسِ الْعَيْنِ- وَقَدْ انْقَطَعَ بِالطَّلَبِ- وَيَجِبُ الرَّدُّ أَيْضًا (بِانْقِضَاءِ غَرَضٍ) مِنْ الْعَيْنِ الْمُعَارَةِ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ هُوَ الْمُوجِبُ لِلْحَبْسِ- وَقَدْ زَالَ- (أَوْ انْتِهَاءِ مُدَّةٍ) إنْ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ مُؤَقَّتَةً؛ لِانْتِهَائِهَا، (أَوْ مَوْتِ أَحَدِهِمَا)- أَيْ: الْمُعِيرِ وَالْمُسْتَعِيرِ- لِبُطْلَانِ الْعَارِيَّةِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا عَقْدٌ جَائِزٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ، (فَإِنْ أَخَّرَ) الْمُسْتَعِيرُ الرَّدَّ فِيمَا ذَكَرَ فَتَلِفَتْ الْعَارِيَّةُ؛ (ضَمِنَ) قِيمَتَهَا (مَعَ أُجْرَةِ مِثْلِهَا) لِمُدَّةِ تَأْخِيرِهِ، (وَعَلَيْهِ)- أَيْ: الْمُسْتَعِيرِ (مُؤْنَةُ رَدِّ) الْعَارِيَّةِ إلَى مَالِكِهَا. كَمَغْصُوبٍ؛ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ». وَإِذَا كَانَتْ وَاجِبَةَ الرَّدِّ وَجَبَ أَنْ تَكُونَ مُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الرَّدُّ؛ كَمَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ مُؤْنَةُ (أَخْذٍ).
وَ(لَا) يَجِبُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ (مُؤْنَتُهَا)- أَيْ: الْعَارِيَّة- مِنْ مَأْكَلٍ وَمَشْرَبٍ مَا دَامَتْ [(عِنْدَهُ)، بَلْ ذَلِكَ عَلَى مَالِكِهَا؛ كَالْمُسْتَأْجَرَةِ، وَيَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ رَدُّهَا]- أَيْ: الْعَارِيَّةِ- إلَى مَالِكِهَا أَوْ وَكِيلِهِ (لِمَوْضِعِ أَخْذِهَا) مِنْهُ؛ كَالْمَغْصُوبِ، (إلَّا أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى) رَدِّهَا إلَى (غَيْرِهِ)، وَيَبْرَأُ بِذَلِكَ مِنْ ضَمَانِهَا. قَالَهُ فِي الشَّرْحِ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَحْمِلَ الْعَارِيَّةَ لِلْمُعِيرِ إلَى مَوْضِعٍ غَيْرِ الَّذِي اسْتَعَارَهَا فِيهِ، (فَلَوْ طَالَبَ) الْمُسْتَعِيرَ (بِمِصْرَ بِدَابَّةٍ) كَانَ (أَخَذَهَا بِدِمَشْقَ، فَإِنْ كَانَتْ) الدَّابَّةُ (مَعَهُ لَزِمَهُ دَفْعُهَا) إلَى رَبِّهَا لِعَدَمِ الْعُذْرِ [وَإِلَّا] تَكُنْ مَعَهُ بِمِصْرَ (فَلَا) يَلْزَمُهُ حَمْلُهَا إلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ إنَّمَا اقْتَضَى الرَّدَّ مِنْ حَيْثُ أَخَذَ، وَإِعَادَةَ الشَّيْءِ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ؛ فَلَا يَجِبُ مَا زَادَ.
تَنْبِيهٌ:
وَإِنْ اسْتَعَارَ مَا لَيْسَ بِمَالٍ كَكَلْبٍ مُبَاحِ الِاقْتِنَاءِ، أَوْ جِلْدِ مَيْتَةٍ مَدْبُوغٍ، أَوْ أَخَذَ حُرًّا صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا، أَوْ أَبْعَدَهُ عَنْ بَيْتِ أَهْلِهِ؛ لَزِمَهُ الرَّدُّ وَمُؤْنَتُهُ، لِعُمُومِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» وَلَوْ مَاتَ الْحُرُّ لَمْ يَضْمَنْهُ. (وَيَبْرَأُ) مُسْتَعِيرٌ (بِرَدِّ عَارِيَّةِ إلَى مَنْ جَرَتْ عَادَتُهُ بِهِ)- أَيْ: بِجَرَيَانِ الرَّدِّ (عَلَى يَدِهِ كَسَائِسٍ) رَدَّ إلَيْهِ الدَّابَّةَ، (وَخَازِنٍ وَزَوْجَةٍ) مُتَصَرِّفِينَ فِي مَالِهِ، (وَوَكِيلٍ عَامٍّ فِي قَبْضِ حُقُوقِهِ). قَالَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ؛ فَلَا يَضْمَنُ إذَا رَدَّهَا إلَى مَنْ جَرَتْ عَادَتُهُ بِجَرَيَانِ ذَلِكَ عَلَى يَدِهِ. هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ أَحْمَدَ قَالَ فِي الْوَدِيعَةِ: إذَا سَلَّمَهَا إلَى امْرَأَتِهِ لَمْ يَضْمَنْهَا؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِي ذَلِكَ عُرْفًا أَشْبَهَ مَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ نُطْقًا، وَلَا يَبْرَأُ مُسْتَعِيرٌ (بِرَدِّهَا)- أَيْ: الدَّابَّةَ- (إلَى إصْطَبْلِهِ)- بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ مَكْسُورَةٍ وَفَتْحِ الطَّاءِ وَسُكُونِ الْبَاءِ- غَيْرِ عَرَبِيٍّ، (أَوْ) إلَى (غُلَامِهِ)، وَهُوَ الْقَائِمُ بِخِدْمَتِهِ، وَقَضَاءِ أُمُورِهِ، عَبْدًا كَانَ أَوْ حُرًّا، أَوْ رَدَّهَا إلَى الْمَكَانِ الَّذِي يَأْخُذُهَا مِنْهُ، أَوْ إلَى مِلْكِ صَاحِبِهَا، وَلَمْ يُسَلِّمْهَا لِأَحَدٍ، أَوْ إلَى (عِيَالِهِ الَّذِينَ لَا عَادَةَ لَهُمْ بِقَبْضِ مَالِهِ)؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرُدَّهَا إلَى مَالِكِهَا وَلَا نَائِبِهِ فِيهَا، فَلَمْ يَبْرَأْ كَمَا لَوْ دَفَعَهَا إلَى أَجْنَبِيٍّ، وَكَرَدِّ السَّارِقِ مَا سَرَقَهُ إلَى الْحِرْزِ.

.(فَرْعٌ): [تَلَفُ الْعَارِيَّةِ]:

(مَنْ سَلَّمَ لِشَرِيكِهِ نَحْوَ دَابَّةٍ) كَثَوْبٍ وَآنِيَةٍ مُشْتَرَكَةٍ لِيَحْفَظَهَا لَهُ، فَتَلِفَتْ بِلَا تَفْرِيطٍ وَلَا تَعَدٍّ؛ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ بِيَدِهِ، (فإ) ن (اسْتَعْمَلَهَا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ مَجَّانًا فَعَارِيَّةٌ) تُضْمَنُ مُطْلَقًا، وَإِنْ سَلَّمَهَا إلَيْهِ لِرُكُوبِهَا لِمَصَالِحِهِ وَقَضَاءِ حَوَائِجِهِ عَلَيْهَا فَعَارِيَّةٌ أَيْضًا. (وَيَتَّجِهُ فَلَوْ غُصِبَتْ) الدَّابَّةُ الْمُسْتَعْمَلَةُ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ؛ (ضَمِنَ) الْمَأْذُونُ (نَفْعَهَا)؛ لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ مَضْمُونَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ. وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (وَبِدُونِهِ)؛ أَيْ: إنْ اسْتَعْمَلَهَا بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ؛ (فَغَصْبٌ) يَحْرُمُ عَلَيْهِ، وَيَضْمَنُ الْعَيْنَ وَالْمَنْفَعَةَ، فَرَّطَ أَوْ لَمْ يُفَرِّطْ؛ لِتَعَدِّيهِ بِذَلِكَ، (وَ) إنْ أَخَذَهَا مِنْ شَرِيكِهِ (بِأُجْرَةٍ فَهِيَ إجَارَةٌ) لَا تُضْمَنُ إنْ تَلِفَتْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ، وَإِلَّا بِأَنْ أَخَذَهَا مِنْ شَرِيكِهِ بِغَيْرِ أُجْرَةٍ؛ فَهِيَ (أَمَانَةٌ)؛ لِأَنَّ الْمُشَاعَ إذَا قُبِضَ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ يَكُونُ نِصْفُهُ مَقْبُوضًا تَمَلُّكًا، وَنِصْفُ الشَّرِيكِ أَمَانَةُ، فَلَا (تُضْمَنُ) بِدُونِ تَعَدٍّ أَوْ (تَفْرِيطٍ) كَسَائِرِ الْأَمَانَاتِ، وَإِنْ فَرَّطَ الشَّرِيكُ (بِسَوْقِ) الدَّابَّةِ (فَوْقَ الْعَادَةِ)؛ ضَمِنَ قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ، وَإِنْ سَلَّمَهَا إلَيْهِ لِيَعْلِفَهَا، وَيَقُومَ بِمَصْلَحَتِهَا وَنَحْوِهِ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ اسْتَعْمَلَهَا فِي نَظِيرِ إنْفَاقِهِ عَلَيْهَا أَوْ تَنَاوُبُهُ مَعَهُ؛ لَمْ يَضْمَنْ بِلَا تَفْرِيطٍ؛ لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ. (وَيَتَّجِهُ لَوْ اسْتَعْمَلَهَا)- أَيْ: الدَّابَّةَ- (بِإِذْنِ) شَرِيكِهِ بِأَنْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَهَا (فِي مُقَابَلَةِ عَلَفِهَا؛ فَهِيَ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ)؛ لِاشْتِرَاطِ عَلَفِهَا عَلَيْهِ، وَهُوَ مَجْهُولٌ، فَهُوَ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ إجَارَةٌ، وَهِيَ لَا تَصِحُّ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعِوَضَ يُخْرِجُهَا عَنْ مَوْضُوعِهَا، وَفِي التَّلْخِيصِ إذَا أَعَارَهُ عَبْدَهُ عَلَى أَنْ يُعِيرَهُ الْآخَرُ فَرَسَهُ؛ فَهِيَ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ، فَهَذَا رُجُوعٌ إلَى أَنَّهَا كِنَايَةٌ فِي عَقْدٍ آخَرَ [، وَالْفَسَادُ إمَّا أَنْ يَكُونَ لِاشْتِرَاطِ عَقْدٍ فِي عَقْدٍ آخَرَ،] وَإِمَّا لِعَدَمِ تَقْدِيرِ الْمَنْفَعَةِ، وَعَلَيْهِ خَرَّجَهُ الْحَارِثِيُّ، وَقَالَ: وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَعَرْتُكَ عَبْدِي لِتُمَوِّنَّهُ أَوْ دَابَّتِي لِتَعْلِفَهَا، فَعَلَى كُلٍّ لَا ضَمَانَ بِلَا تَعَدٍّ أَوْ تَفْرِيطٍ؛ لِأَنَّ مَا لَا ضَمَانَ فِي صَحِيحِهِ، لَا ضَمَانَ فِي فَاسِدِهِ، وَهُوَ اتِّجَاهٌ حَسَنٌ.
تَتِمَّةٌ:
وَمَنْ اسْتَعَارَ شَيْئًا، ثُمَّ ظَهَرَ مُسْتَحَقًّا؛ فَلِمَالِكِهِ أَجْرُ مِثْلِهِ؛ لِعَدَمِ إذْنِهِ فِي اسْتِعْمَالِهِ. يُطَالِبُ بِهِ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا، أَمَّا الدَّافِعُ فَلِتَعَدِّيهِ بِالدَّفْعِ، وَأَمَّا الْقَابِضُ فَلِقَبْضِهِ مَالَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَإِنْ ضَمِنَ الْمُسْتَعِيرُ رَجَعَ عَلَى الْمُعِيرِ بِمَا غَرِمَ؛ لِأَنَّهُ غَرَّهُ، مَا لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَعِيرُ عَالِمًا بِالْحَالِ فَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى بَصِيرَةٍ، وَإِنْ ضَمَّنَ الْمَالِكُ الْمُعِيرَ؛ لَمْ يَرْجِعْ بِالْأُجْرَةِ عَلَى أَحَدٍ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَعِيرُ عَالِمًا، وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهِ.

.(فَصْلٌ): [متى تتحوّلُ الْعَارِيَّةُ إلى إِجَارَةٍ]:

(وَإِنْ دَفَعَ) إلَيْهِ دَابَّةً أَوْ غَيْرَهَا مِنْ الْأَعْيَانِ الْمُنْتَفَعِ بِهَا مَعَ بَقَائِهَا، ثُمَّ (اخْتَلَفَا)- أَيْ: الْمَالِكُ وَالْقَابِضُ- (فَقَالَ) الْمَالِكُ: (آجَرْتُك. قَالَ) الْقَابِضُ: (بَلْ أَعَرْتنِي)، وَكَانَ ذَلِكَ الِاخْتِلَافُ (قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ) مِنْ الْقَبْضِ (لَهَا أُجْرَةٌ؛ فَقَوْلُ قَابِضٍ) بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَأْجِرْهَا، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِجَارَةِ، وَتُرَدُّ لِمَالِكِهَا.
(وَ) إنْ كَانَ اخْتِلَافُهُمَا (بَعْدَهَا)- أَيْ: بَعْدَ مُدَّةٍ لَهَا أُجْرَةٌ- فَالْقَوْلُ (قَوْلُ مَالِكٍ فِي مَا مَضَى) مِنْ الْمُدَّةِ (فَقَطْ) مَعَ يَمِينِهِ؛ لِاخْتِلَافِهِمَا فِي كَيْفِيَّةِ انْتِقَالِ الْمَنَافِعِ إلَى مِلْكِ الْقَابِضِ، فَقُدِّمَ قَوْلُ الْمَالِكِ؛ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي عَيْنٍ، فَادَّعَى الْمَالِكُ بَيْعَهَا وَالْآخَرُ هِبَتَهَا؛ إذْ الْمَنَافِعُ تَجْرِي مَجْرَى الْأَعْيَانِ. وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْأَعْيَانِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ، وَأَمَّا الْبَاقِي مِنْ الْمُدَّةِ؛ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمَالِكِ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعَقْدِ.
(وَ) إذَا حَلَفَ الْمَالِكُ (فَلَهُ أَجْرُ مِثْلٍ)؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَثْبُتُ بِدَعْوَى الْمَالِكِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ، وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ بَدَلَ الْمَنْفَعَةِ، وَهُوَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَإِنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ قَدْ تَلِفَتْ، وَقَالَ الْمَالِكُ: آجَرْتُكهَا، وَقَالَ الْقَابِضُ: أَعَرْتنِيهَا؛ لَمْ يَسْتَحِقَّ صَاحِبُهَا الْمُطَالَبَةَ بِقِيمَتِهَا، لِإِقْرَارِهِ بِمَا يُسْقِطُ ضَمَانَهَا، وَهُوَ الْإِجَارَةُ، وَلَا نَظَرَ إلَى إقْرَارِ الْمُسْتَعِيرِ بِالْعَارِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ [رَدَّ] قَوْلَهُ بِإِقْرَارِهِ بِالْإِجَارَةِ؛ فَبَطَلَ إقْرَارُهُ، (وَكَذَا [لَوْ] ادَّعَى) زَارِعٌ أَرْضَ غَيْرِهِ (أَنَّهُ زَرَعَ) الْأَرْضَ (عَارِيَّةً، وَقَالَ رَبُّهَا): زَرَعْتَهَا (إجَارَةً)؛ فَقَوْلُ مَالِكٍ، وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، (وَ) إنْ قَالَ الْقَابِضُ لِلْمَالِكِ: (أَعَرْتَنِي، أَوْ).
قَالَ لَهُ: (آجَرْتَنِي، قَالَ) الْمَالِكُ: بَلْ (غَصَبْتَنِي)، فَإِنْ كَانَ اخْتِلَافُهُمَا عَقِبَ الْعَقْدِ- وَالْبَهِيمَةُ قَائِمَةٌ- أَخَذَهَا مَالِكُهَا، وَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِجَارَةِ وَالْعَارِيَّةِ، وَلَمْ يَفُتْ مِنْهَا شَيْءٌ لِيَأْخُذَهَا الْمَالِكُ عِوَضَهُ، وَإِنْ كَانَ اخْتِلَافُهُمَا- وَقَدْ مَضَى مُدَّةٌ لَهَا أُجْرَةٌ- فَقَوْلُ الْمَالِكِ بِيَمِينِهِ؛ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِجَارَةِ وَالْعَارِيَّةِ، وَأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْقَابِضِ لِمَالِ غَيْرِهِ الضَّمَانُ، فَتَجِبُ لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ عَلَى الْقَابِضِ لِلْعَيْنِ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَا ادَّعَاهُ، وَإِنْ تَلِفَتْ الدَّابَّةُ، وَاخْتَلَفَا فَفِي مَسْأَلَةُ دَعْوَى الْقَابِضُ الْعَارِيَّةَ وَالْمَالِكُ الْغَصْبَ هُمَا مُتَّفِقَانِ عَلَى ضَمَانِ الْعَيْنِ إذْ كُلٌّ مِنْ الْغَصْبِ وَالْعَارِيَّةِ مَضْمُونٌ مُخْتَلِفَانِ فِي الْأُجْرَةِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ يَدَّعِيهَا لِدَعْوَاهُ الْغَصْبَ، وَالْقَابِضُ يُنْكِرُهَا بِدَعْوَاهُ الْعَارِيَّةَ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ؛ لِمَا تَقَدَّمَ، فَيَحْلِفُ، وَتَجِبُ لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ عَلَى الْقَابِضِ؛ كَمَا تَقَدَّمَ. وَفِي دَعْوَى الْقَابِضِ الْإِجَارَةِ مَعَ دَعْوَى الْمَالِكِ الْغَصْبَ هُمَا مُتَّفِقَانِ عَلَى وُجُوبِ الْأُجْرَةِ، مُخْتَلِفَانِ فِي ضَمَانِ الْعَيْنِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ، فَيَغْرَمُ الْقَابِضُ قِيمَتَهَا فِي صُورَتَيْ دَعْوَى الْإِجَارَةِ وَدَعْوَى الْعَارِيَّةِ حَيْثُ ادَّعَى الْمَالِكُ الْغَصْبَ فِيهِمَا، وَيَغْرَمُ الْقَابِضُ أَيْضًا أُجْرَةَ مِثْلِهَا إلَى حِينِ التَّلَفِ فِيهِمَا، (أَوْ) قَالَ الْمَالِكُ: (أَعَرْتُكَ الْعَيْنَ قَالَ) الْقَابِضُ: (بَلْ آجَرْتَنِي- وَالْبَهِيمَةُ تَالِفَةٌ- فَقَوْلُ مَالِكٍ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْقَابِضِ بِمَالِ غَيْرِهِ الضَّمَانُ، (وَكَذَا) لَوْ قَالَ الْقَابِضُ: (أَعَرْتَنِي، أَوْ قَالَ: آجَرْتَنِي، فَقَالَ) الْمَالِكُ: (غَصَبْتَنِي)- وَالْعَيْنُ قَائِمَةٌ- فَقَوْلُ مَالِكٍ بِيَمِينِهِ (فِي) وُجُوبِ (الْأُجْرَةِ، وَ) فِي وُجُوبِ (رَفْعِ الْيَدِ) وَرَدِّ الْعَيْنِ لِمَالِكِهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَا يَدَّعِيهِ الْقَابِضُ، (وَ) إنْ قَالَ الْمَالِكُ: (أَعَرْتُكَ)، فَقَالَ الْقَابِضُ: أَوْدَعْتَنِي؛ فَقَوْلُ مَالِكٍ بِيَمِينِهِ، (أَوْ) قَالَ الْمَالِكُ: (غَصَبْتَنِي، فَقَالَ) الْقَابِضُ: (أَوْدَعْتَنِي؛ فَقَوْلُ مَالِكٍ) بِيَمِينِهِ، (وَلَهُ)- أَيْ: الْمَالِكُ- عَلَى الْقَابِضِ (قِيمَةُ) عَيْنٍ (تَالِفَةٍ)؛ لِثُبُوتِ حُكْمِ الْعَارِيَّةِ بِحَلِفِهِ عَلَيْهِ وَلَا أُجْرَةَ (وَكَذَا) يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِي (عَكْسِهَا)؛ كَقَوْلِ الْمَالِكِ: (أَوْدَعْتُكَ، فَقَالَ) الْقَابِضُ: بَلْ (أَعَرْتَنِي)؛ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ أَيْضًا؛ لِمَا تَقَدَّمَ، (وَلَهُ)- أَيْ: الْمَالِكُ- عَلَى الْقَابِضِ (أُجْرَةُ مَا انْتَفَعَ بِهَا)- أَيْ: الْعَيْنِ- وَيَرُدُّهَا إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً، وَإِلَّا فَقِيمَتُهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ ضَمَانَ الْمَنَافِعِ عَلَيْهِ، وَدَعْوَاهُ الْعَارِيَّةَ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي رَدِّهَا بِأَنْ قَالَ مُسْتَعِيرٌ: رَدَدْتُهَا، وَأَنْكَرَهُ الْمَالِكُ؛ فَقَوْلُ مَالِكٍ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرَّدِّ، وَكَالْمَدِينِ إذَا ادَّعَى أَدَاءَ الدَّيْنِ.
تَتِمَّةٌ:
قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: مَنْ بَعَثَ رَسُولًا يَسْتَعِيرُ لَهُ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا مِنْ بَغْدَادَ إلَى الْكُوفَةِ مَثَلًا، فَجَاءَ إلَى الْمُعِيرِ، فَاسْتَعَارَهَا مِنْهُ لِيَرْكَبَهَا إلَى الْحِلَّةِ، فَرَكِبَهَا الْمُسْتَعِيرُ إلَى الْكُوفَةِ، وَلَا يَدْرِي، فَعَطِبَتْ؛ فَالضَّمَانُ عَلَى الرَّسُولِ إنْ اعْتَرَفَ بِالْكَذِبِ، وَإِنْ قَالَ لِلْمُسْتَعِيرِ: كَذَلِكَ أَمَرْتَنِي وَكَذَّبَهُ الْمُسْتَعِيرُ؛ فَلَا يَكُونُ الرَّسُولُ هُنَا شَاهِدًا؛ لِأَنَّهُ خَصَمٌ، وَالْمُسْتَعِيرُ ضَامِنٌ، إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ أَمَرَهُ إلَى الْكُوفَةِ.